
القضاء في مكة المكرمة قديماً وحديثا
الحمد لله رب العالمين , أحمده حمداً يليق بجلاله وكماله , و أشكره على نعمه , و أشهد ان لا اله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد.
و اشهد ان محمداً عبده ورسوله , وصفيه وخليله , بعثه الله رحمة لعباده , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى اله و صحبه .
اما بعد :
فإن لمكة المكرمة مكانة و حرمة , لم تحظى أي مدينة أخرى بمثل ما حظيت به , ولها في نفوس المسلمين مكنة بارزة , فإليها تتجه أفئدة الناس و أبدانهم في الصلاة إلى الكعبة على مدار الساعة , ويقصدونها للحج والعمرة بشكل دقيق و مرسوم , وفق مواقيت معينة و محددة لأداء شعائر مفروضة .
وسكان مكة هم ( اهل الله ) , قال فيهم الإمام الثعالبي النيسابوري في كتابه ( ثمار القلوب) واصفاً كرمهم وجودهم و اخلاقهم , وحسن تعاملهم مع ضيوف الرحمن : ( كان يقال لقبيـلة قريش في الجاهلية ( اهل الله ) لما يتميزوا به عن سائر العرب من المحاسن و المكارم , فمنها مجاورتهم بيت الله تعالى , ومنها ما تفردوا به الإيلاف , و الوفادة , و إطعام الحجاج , و السقاية , و الرياسة , واللواء ن نوافيها حقها , فنكتب عنها و نبرز فضلها و ما تتصف به من جميع النواحي .
و قد سبق لي أن تشرفـت بإخراج بعض الكتب التاريخية , و الفقهية المتعلقة بمكة المكرمة , و المشـاعر المقدسة .
و ها أنا اشــارك في مناسبة كريمة و عزيزة على نفوسنا جميعاً ألا وهي:
( اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة لعام 1426 هـ ) بموضوع عن ( القضاء في مكة المكرمة قديما وحديثا ) , بترشيح من جامعة أم القرى ( جامعة مكة العريــقة ) .
فا للقضاء أهمية كبيرة في حياة الأمم و الشعوب , فيعتبر ركناً هاماً في كل المجتمعات المتحضرة منذ فجر التاريخ , وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
و القضاء فرض كفاية , فيجب على الإمــام أن ينصب في كل مدينة قاضياً أو اكثر , ويختار لذلك أفضل من يجد علماً وورعاً.
و الأصل في ذلك قول الله عز وجل : { يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فا حكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } ] سورة ص :26 [ , و قال تعالى :{, و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل }] النساء : 58[ , وقــال :{و إن حكمت فأحكم بينهم بالقسط } ] المائدة : 42 [ .
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( القضاة ثلاثة : قاضي في الجنة , و قاضيان في النار , رجل علم علمــاً فقضى بما علم فهوى في الجنة , ورجل علم علمـاً فقضى بغير ما علم فهو في النار , ورجل جهل فقضى بالجهل فهو في النار ) ,
و الآيات و الأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً , و موضوع القضاء في مكة المكرمة قديماً وحديثاً سوف أتناوله إن شاء الله تعالى في ثلاثة فصول كالتالي : _
الفصل الأول :
عرض موجز لتاريخ القضاء في الاسلام , ويشمل المباحث التاليه:
- تعريف القضاء لغة و اصطلاحاً .
- لفظة القضاء و علاقتها ببعض الألفاظ المرادفة مثل : الحكم , الحق , الفتوى
- أهمية القضاء
- الشــروط الواجب توفرها في القاضي
- اداب القضاء
- تعيين القاضي و عزله .
الفصل الثاني :
القضاء في مكة المكرمة منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى نهاية العهد العثماني ,
ويشمل الاتي : _
- القضاء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
- القضاء في عهد الخلفاء الراشدين , مع عرض نماذج من الأقضية ,
- القضاء في عهد الدولــة العباسية , مع تراجم لبعض أشهر قضاة هذا العصر .
- القضاء في عهد العثمانيين , مع تراجم لبعض أشهر قضاة هذا العصر.
- الفصل الثالث :
- التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية , مع ابراز أهم ملامح هذا التنظيم في مكة المكرمة في ضوء الشريعة الاسلامية .
- و سوف اتناول في هذا الفصل التنظيمات القضائية من اول عهد المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه , وحتى عصرنا الحالي , مع استعراض لأهم التنظيمات القضائية التي أقامها الملك عبد العزيز في منطقة الحجاز , و على الاعمال القضائية في مكة المكرمة خلال الحكم السعودي .
- ثم خاتمة البحث .
- وما توفيقي إلا بالله العلي العزيز,
- و الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات , و صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً مباركاً .