Skip to main content

المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح

By 11 أكتوبر,2017فبراير 26th, 2022الكتب
المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح

المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح

المتجر الرابح للحافظ أبي محمد شرف الدين عبد المؤمن خلف الدمياطي 613-705 هـ

دراسة وتحقيق

أ. د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

طبعة مزيدة ومنقحة

مكتبة دار البيان

ص.ب 2854 – هاتف 229045

دمشق – الجمهورية العربية السورية

بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة المؤلف

حياة الدمياطي

  • الحالة السياسية والعلمية :

عاش الحافظ أبومحمد شرف الدين عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف الدين التونى الدمياطي- ويعرف بابن الماجد- حياته الطويلة الحافلة في الفترة ما بين أوائل القرن السابع الهجري وأوائل القرن الثامن. وهي فترة حفلت بأحداث جد خطيرة شغلت العالم الإسلامي من أدناه إلى أقصاه ، كان من أبرزها خطراً ، وأعمقها أثرا سقوط الخلافة الإسلامية في بغداد سنة 656 هـ ، وما صاحب ذلك من موجات الغزو المتتالية على البلاد الإسلامية من التتار والمغول والصليبيين.

وفد تميزت هذه الفترة بطائفة من العلماء والفقهاء الذين عاصروا الحافظ الدمياطي ،

من أمثال سلطان العلماء العز بن عبد السلام ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، والحافظ زكي الدين المنذري ، والشرف اليونيني ، والحافظ ابن مسدى ، وأبي شامة المقدسي ، وابن دقيق العيد ، والشيخ الإمام المؤرخ ابن خلكان ، وطائفة أخرى أدركت هؤلاء وأخذت عنهم ، ولحقت بعصرهم ، منهم الحفاظ المشاهير : المزي والذهبي والبرزالي وابن ناصر الدين ، وابن كيلكدي والتقي السبكي وغيرهم… وكان لهؤلاء العلماء أثر كبير في مجرى الأحداث السياسية والأحوال العامة التي زخر بها هذا العصر ، بما قدموه من الفتاوى الفقهية والأراء الاجتهادية والمؤلفات الهامة ، وبما أدوه من المشاركة الفعالة في

جميع ما شغل أولي الأمر والحكم في العالم الإسلامي عصرئذ ، مما حفظ على المسلمين كلمتهم ، ووحد صفوفهم وجمع شملهم ، ورفع لواء دينهم ، وصان شريعتهم وأحكامها .

  • ولادته ، ونشأته ، وشيوخه :

في هذه الفترة الخطيرة ، في سنة ثلاث عشرة وستمائة منها ، ولد حافظ عصره ومسند وقته الحافظ الدمياطي في ” تونة ” من عمل مدينة تنيس ( تعرف الآن بكوم سيدي عبد الله بن ملام في جزيرة بحيرة المنزلة ). وكانت نشأته بمدينة دمياط أحد ثغور البلاد المصرية الهامة ، وفيها تفقه في مذهبه ، وقرأ القراءات على الأخوين الإمامين : أبي المكارم عبد الله وأبي عبد الله الحسين ابني منصور السعدي ، وسمع بها الحديث منهما ، ومن الشيخ أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان ، وهو الذي أرشده لطلب الحديث ، بعد أن كان مقتصرا على الفقه وأصوله على مذهب الإمام الشافعي ، وكانت سنه عندما طلب الحديث ثلاثا وعشرين سنة.

ثم انتقل إلى الإسكندرية فسمع بها في سنة ست وثلاثين وستمائة على الجم الغفير والعدد الكثير من علمائها ، وبخاصة من أصحاب الحافظ أبي طاهر السلفي ، ثم قدم القاهرة وعني بهذا الشأن رواية ودراية ، ولازم الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري ، فسمع عليه وأخذ عنه.

وفي سنة ثلاث وأربعين حج إلى الحرمين الشريفين ، وارتحل إلى الشام سنة خمس وأربعين ، وإلى الجزيرة وإلى العراق مرتين ، وفي هذه البلاد أخذ عن شيوخها وسمع عليهم وانتفع منهم. كما أنه سمع على شيوخ دمشق وحماة وحلب- التي لازم فيها الحافظ أبا الحجاج يوسف بن خليل- وماردين وبغداد، وفيها خرَّج أربعين حديثا لأمير المؤمنين، المستعصم بالله أبي أحمد عبد الله بن المستنصر بالله العباسي ، آخر الخلفاء العباسين ببغداد.

وكانت أكثر إقامته في دمشق والقاهرة ، وفيها نشر علمه وانتفع به الطلاب وأخذ عنه الفقهاء والعلماء ، وبلغ من العلم مكانة مرموقة حدت بالإمام تاج الدين السبكي أن يصفه في طبقات الشافعية الكبرى : ” بحافظ زمانه ، وأستاذ الأستاذين في معرفة الأنساب ،

وإمام أهل الحديث المجمع على جلالته ، الجامع بين الدراية والرواية بالسند العالي القدر… “. كما جعلت المؤرخ صلاح الدين بن شاكر الكتبي في كتابه ” فوات الوفيات” يصفه : ” بالإمام البارع الحافظ النابه المجود الحجة علم المحدثين ، عمدة النقاد… “. كما قال عنه الحافظ المزي : ما رأيت أحفظ منه. وكما يقول البرزالي : “كان آخر من بقي من الحفاظ وأهل الحديث وأصحاب الرواية العالية والدراية الوافرة”. وكما يقول الذهبي في معجمه : ” العلامة الحافظ الحجة أحد الأئمة الأعلام وبقية نقاد الحديث “. وكما وصفه الإمام أبو حيان الأندلسي : ” بحافظ المشرق والمغرب “.

ولا شك في أن ما ذكره هؤلاء العلماء يعبر بصدق وحق عن قيمة هذا الإمام الجليل الذي بلغ الغاية في علوم عصره ، وخلف من المصنفات الجليلة ما يشهد بعلو كعبه ورفعة منزلته بين معاصريه، كما يوضح مكانة من أخذ عنهم وسمع عليهم من العلماء الكبار في العالم الإسلامي من أمثال : ابن المقير ، ويوسف بن عبد المعطي المحلي ، والعلم ابن الصابونى ، والكمال ابن الضرير ، وابن العليق ، وابن قميرة ، وموهوب الجواليقي، وهبة الله بن محمد بن مفرج الواعظ ، وشعيب بن الزعفران ، وابن رواح ، وابن رواحة ، وابن الجميزي ، والرشيد بن سلمة ، ومكي بن علان ، وأصحاب السلفي ، وشهدة ، وابن عساكر ، وخلق كثير من أصحاب المحدث ابن شاتيل ، والقزاز ، وابن بري النحوي ، وابن كليب ، وابن طبرزد ، وحنبل ، والبوصيري ، والخشري. وقد بلغ عدد شيوخه – كما ذكر الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة- ألفا ومائتين وخمسين شيخا (1) .

ومع جلالة قدر هؤلاء الشيوخ ورفعة منزلتهم كانت للحافظ الدمياطي مكانة رفيعة أتاحت له أن يملي ويحدث في حياتهم.

وبذلك يحتل الشيخ بينهم مركزا مرموقا جعل كثيرا من رفقائه وقرنائه يأخذون عنه ويسمعون منه ويكتبون أماليه.

المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح